قلعَة القانُون قلعَة القانُون

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الأحكام الصادرت في مواجهة الحـدث

شرح الأحكام الصادرت في مواجهة الحـدث

مقدمة
بعد أن تنتهي محكمة الأحداث من إجراءات التحقيق النهائي مع الحدث عليها أن تصدر الحكم في القضية سواء بالبراءة أو بتوقيع عقوبة أوتدبير من التدابير التي نص عليها القانون. والحكم كما عرفه البعض فإنه القرار الصادر عن محكمة مشكلة تشكيلا قانونيا في منازعة مطروحة عليها بخصومات رفعت إليها وفقا للقانون.وحرصا منا على سلامة ودقة البحث سوف نتعرض في هذا المبحث إلى  مسائل مهمة.
المطلب الأول: التدابير القضائية المتخذة في شأن الحدث في خطر معنوي
للفصل في قضية الحدث في خطر معنوي فإن قاضي الأحداث مكنه المشرع من اتخاذ تدبير أو أكثر من تدابير الحماية والوقاية لفائدة الحدث وذلك بصفة نهائية ويكون ذلك بموجب حكم يصدره في غرفة المشورة وهذه التدابير التي يمكن تقريرها تتمثل في:
أولا: تدابير الحراسة
نصت عليها المادة 10 من الأمر رقم72/03 وهي:
إبقاء القاصر في عائلته.
إعادة القاصر لوالده أو لوالديه الذين لا يمارسان حق الحضانة عليه بشرط أن يكون هذا الحق غير ساقط عمن يعاد إليه القاصر.
تسليم القاصر إلى أحد أقربائه الآخرين طبقا لكيفيات أيلولة حق الحضانة.
تسليم القاصر إلى شخص موثوق به.
وفي جميع الأحوال يمكن لقاضي الأحداث أن يكلف مصلحة المراقبة أو التربية أو إعادة التربية في بيئة مفتوحة بملاحظة القاصر وتقديم كل الحماية له وكذلك المساعدة الضرورية لتربيته وتكوينه وصحته.

ثانيا: تدابير الوضع
نصت عليها المادة 11من الأمر رقم 72/03 وهي :
حيث يجوز لقاضي الأحداث زيادة لما ذكر في المادة 10 أعلاه تقرير بصفة نهائية إلحاق الحدث إما بـ:
مركز للإيواء أو المراقبة
مصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة
مؤسسة أو معهد للتربية أو التكوين المهني أو العلاج
وفي هذا الصدد نشير إلى أن مراكز الإيواء أو المراقبة المنصوص عليها في مواد الأمر رقم72/03 يفهم منها المراكز المكلفة برعاية الشباب والطفولة المنصوص عليها في الأمر رقم 75/64 المتضمن إحداث المؤسسات والمصالح المكلفة بحماية الطفولة أو المراهقة، أما المصالح المكلفة بمساعدة الطفولة فمنها المراكز المخصصة للأطفال المسعفين طبقا للمرسوم رقم 87/26 المتضمن إنشاء دور الأطفال المسعفين. وهذه التدابير يجب أن تكون في كل الأحوال مقررة لمدة محددة لا تتجاوز تاريخ إدراك القاصر تمام 21 سنة المادة 12من الأمر رقم 72/03.
المطلب الثاني: الجــزاء المقرر للحدث الجانــح
يمكن اتخاذ إجراءات تربوية أو إجراءات شبه عقابية اتجاه الجانحين أقل من 13سنة أو الذين هم في سن مابين 13و18سنة وارتكبوا جرائم غير خطيرة .غير أن عقوبتي الغرامة والحبس لا تسلطان إلا اتجاه الأحداث الجانحين فوق سن 13 سنة وهذا طبقا للمواد49 -51 من قانون العقوبات.
واتخاذ الإجراء المناسب اتجاه الحدث يرجع إلى قاضي الأحداث ومساعديه، بعد الأخذ بعين الاعتبار تقريره الاجتماعي ومدى إمكانية تربيته. ويحضر التقرير الاجتماعي حول الحدث الجانح من طرف مربي تابع لمصلحة الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح. وسنتناول في هذا الفرع ثلاث نقاط نخصص الأولى للأحكام الصادرة في مواد المخالفات والثانية للأحكام الصادرة في مواد الجنح والجنايات أما الثالثة فنخصصها لنظام الإفراج تحت المراقبة الذي يعتبر إجراء وقائي.

أولا: الأحكام المتخذة في المخالفات
إذا تم تكييف ما ارتكبه الحدث على أساس وصف مخالفة فإن الحكم الذي يصدر إذا نسبت هذه المخالفة بدليل إلى الحدث لا يمكن أن يخرج عن التوبيخ مع تدبير الإفراج تحت المراقبة أو إجراء التوبيخ مع الغرامة.
تنص المادة 446 من قانون الإجراءات الجزائية : غير أنه لا يجوز في حق الحدث الذي لم يبلغ من العمر 13سنة سوى التوبيخ. وللمحكمة فضلا عن ذلك إذا ما رأت في صالح الحدث إتخاذ تدبير مناسب أن ترسل الملف بعد نطقها بالحكم إلى قاضي الأحداث الذي له سلطة وضع الحدث تحت نظام الإفراج المراقب.
وتنص نفس المادة على : إذا كانت المخالفة ثابتة جاز للمحكمة أن تقضي بمجرد التوبيخ البسيط للحدث وتقضي بعقوبة الغرامة المنصوص عليها.
فإجراء التوبيخ مع الغرامة يكون إذا ارتكب الحدث مخالفة وكان سنه يساوي 13 سنة أو يفوقها.
فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يطبق على الحدث الذي لم يبلغ 13 سنة أي عقوبة سالبة للحرية ولو بصفة مؤقتة وهذا ما تقضي به المادة 1/456 من قانون الإجراءات الجزائية، وكرسته اتفاقية بكين الخاصة بقضاء الأحداث لسنة 1984 حيث أنها منعت إتخاذ أي إجراء سالب للحرية الشخصية، بالنسبة للأحداث ولم تميز في ذلك بين حد معين في السن مع تقريرها لإمكانية إتخاذ عقوبات مالية على هذا الحدث بالإضافة إلى التعويضات أو ما يسمى بالمسؤولية المدنية وهذا ما جاء في البند 18من الاتفاقية.
ثانياً: الأحكام المتخذة في الجنح والجنايات
إن ارتكاب الحدث لفعل وصف بأنه جناية أو جنحة يدل على توجيه خطير لسلوك الحدث وهذا ما يقتضي تدابير أكثر صرامة وشدة من طرف المشرع، هذا الأخير أخذ كقاعدة عامة بالتدابير الوقائية والتربوية كأساس للأحكام الصادرة في الجنح والجنايات وكاستثناء طبق الأحكام الوقائية السالبة للحرية وذلك في حالة الخطورة الإجرامية للحدث.
أ- تدابير الحماية والتهذيب
تناولتها المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية بنصها على ما يلي: لا يجوز في مواد الجنح والجنايات أن يتخذ ضد الحدث الذي لم يبلغ الثامنة عشر إلا تدبير أو أكثر من تدابير الحماية والتهذيب الآتي بيانها:
1 تسليمه إلى والديه أو وصيه أو لشخص جدير بالثقة.
2 تطبيق نظام الإفراج عنه مع وضعه تحت المراقبة .
3 وضعه في منظمة أو مؤسسة عامة أو خاصة معدة للتهذيب أو التكوين المهني مؤهلة لهذا الغرض.
4 وضعه في مؤسسة طبية أو طبية تربوية مؤهلة لذلك.
5 وضعه في مصلحة عمومية مكلفة بالمساعد.
6 وضعه في مدرسة داخلية صالحة لإيواء الأحداث المجرمين في سن الدراسة
غير أنه يجوز أن يتخذ كذلك في شأن الحدث الذي يتجاوز عمره الثالثة عشر تدبير يرمي إلى وضعه في مؤسسة عامة للتهذيب تحت المراقبة أو للتربية الإصلاحية.
ويتعين في جميع الأحوال أن يكون الحكم بالتدابير المذكورة آنفا لمدة معينة لا يجوز أن تتجاوز التاريخ الذي يبلغ فيه القاصر سن الرشد المدني.

ب- التدابير المتخذة في حالة الجرائم التي تقع على الحدث نفسه
تناولتها نصوص المادتين 493 و494 من قانون الإجراءات الجزائية حيث نصت المادة الأولى على: إذا وقعت جناية أو جنحة على شخص قاصر لم يبلغ السادسة عشرة من والديه أو وصيه أو حاضنه فإنه يمكن لقاضي الأحداث أن يقرر بمجرد أمر منه بناء على طلب النيابة العامة أو من تلقاء نفسه بعد سماع رأي النيابة ,أن يودع الحدث المجني عليه في الجريمة إما لدى شخص جدير بالثقة وإما في مؤسسة وإما أن يعهد به للمصلحة العمومية المكلفة برعاية الطفولة .
في حين نصت المادة الثانية على: إذا أصدر حكم بالإدانة في جناية أو جنحة ارتكبت على شخص حدث جاز للنيابة العامة إذا تبين لها أن مصلحة الحدث تبرر ذلك أن ترفع الأمر إلى قسم الأحداث لكي تأمر باتخاذ جميع تدابير حمايته.
ج - إجراءات الحبس
يمكن أن تتعرض فئة الأحداث الجانحين في سن ما بين 13و18 سنة والذين ارتكبوا جرائم خطيرة إلى عقوبة الحبس .تنفذ هذه العقوبة في جناح خاص بالأحداث موجود في مؤسسة عقابية للكبار أو في مراكز خاصة بالأحداث الجانحين تدعى المراكز الخاصة لإعادة التأهيل التي تدار من طرف وزارة العدل ,وهذه المراكز في العادة تكون مكتظة وبالتالي تلجأ محاكم الأحداث إلى وضع الكثير من الأحداث الجانحين الخطرين في أجنحة خاصة بسجون الكبار.
وطبقا لقانون 1972 المتعلق بإعادة تنظيم النظام العقابي في الجزائر، فإن حبس الأحداث الجانحين الخطرين يهدف أساسا إلى إعادة تربيهم وإدماجهم اجتماعيا، ونظرا لصغر سنهم وعدم نضجهم فإن عقوبة الأحداث الجانحين الخطرين تكون أخف من عقوبة المجرمين الكبار وهذا ما نصت عليه المادتين 49 و51 من قانون العقوبات.
ويمكن الإفراج عن الأحداث الجانحين قبل إتمام عقوبتهم طبقاً لنظام الإفراج المشروط وفقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية.

ثالثاً: الإفراج تحت المراقبة
تعرف المراقبة الاجتماعية في ميدان الأحداث الجانحين بأنها نظام للعلاج يتواجد الحدث عن طريقه في بيئته الطبيعية متمتعا بحريته الاجتماعية إلى حد كبير، ولكنه يكون خلال فترة الإشراف تحت ملاحظة ورعاية ممثل لمحكمة الأحداث يعرف بضابط المراقبة أو المراقب الاجتماعي .وتتضمن المراقبة الاجتماعية قيام علاقة شخصية بين المراقب والحدث الجانح بصورة تتيح للمراقب التعرف التام على خصائص الحدث، أخلاقه، وظروفه...إلخ.
أ- تطبيقات المراقبة الاجتماعية
أجاز قانون الإجراءات الجزائية الجزائري لمحكمة الأحداث تطبيق نظام المراقبة الاجتماعية بحق جميع الأحداث الذين لا تتجاوز أعمارهم 18سنة وبحق مختلف الجرائم سواء أكانت جنايات أم جنح أم مخالفات. 
ويمكن لنظام المراقبة الاجتماعية حسب الأحوال أن يلعب دور التدبير المؤقت أو التدبير النهائي. 
المراقبة الاجتماعية المؤقتة
نصت المادة 469 من قانون الإجراءات الجزائية: إذا كانت التهمة ثابتة فصل قسم الأحداث في التدابير المنصوص عليها في المادة 444 بقرار مسبب، وإذا اقتضى الحال فإنه يقضى بالعقوبات المقررة في المادة 50 من قانون العقوبات.
غير أنه يجوز لقسم الأحداث أن يبت صراحة في إدانة الحدث ,وقبل أن يفصل في شأن العقوبات أو التدابير أن يأمر بوضع الحدث بصفة مؤقتة تحت نظام الإفراج مع المراقبة فترة تحدد مدتها.
 
المراقبة الاجتماعية النهائية
نصت المادة 462 من قانون الإجراءات الجزائية :إذا أظهرت المرافعات الحضورية أن الجريمة غير مسندة إلى الحدث قضى قسم الأحداث بإطلاق سراحه.
وإذا أثبتت المرافعات إدانته نص قسم الأحداث صراحة في حكمه على ذلك وقام بتوبيخ الحدث وتسليمه بعد ذلك لوالديه أو لوصيه أو للشخص الذي يتولى حضانته، وإذا تعلق الأمر بقصر تخلى عنه ذووه سلم لشخص جدير بالثقة، ويجوز فضلا على ذلك أن يأمر بوضع الحدث تحت نظام الإفراج المراقب، إما بصفة مؤقتة تحت الاختبار لفترة أو أكثر تحدد مدتها، وإما بصفة نهائية إلى أن يبلغ سنا لا يجوز أن تتعدى تسع عشرة سنة مع مراعاة أحكام المادة 445.
ويجوز لقسم الأحداث أن يشمل هذا القرار بالنفاذ العاجل رغم الاستئناف.
كما يجوز لقاضي الأحداث أن يأمر بوضع الحدث المرتكب لمخالفة تحت نظام المراقبة الاجتماعية عندما يحال إليه ملف القضية من محكمة المخالفات طبقا للمادة 446 من قانون الإجراءات الجزائية.

ب- شروط المراقبة الاجتماعية
تنص المادة 1/481 من قانون الإجراءات الجزائية: يخطر الحدث ووالده أو وصيه والشخص الذي يتولى حضانته في جميع الأحوال التي يتقرر فيها نظام الإفراج المراقب بطبيعة هذا التدبير والغرض منه والالتزامات التي يستلزمها. 
وهذا يعني أن المشرع الجزائري قد ترك أمر تقرير شروط المراقبة الاجتماعية لمحكمة الأحداث التي لها وحدها سلطة تقديرها في ضوء ما تستخلصه من دراسة شخصية الحدث وظروفه. وقد ترك المشرع الجزائري تحديد مدة المراقبة الاجتماعية لقاضي الأحداث على أن لا تتجاوز في جميع الأحوال بلوغ الحدث 19سنة.
ويعين مراقب بالنسبة لكل حدث إما بأمر من قاضي الأحداث أو عند الاقتضاء من قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث وإما بالحكم الذي يفصل في موضوع القضية.
وتناط بالمراقب مهمة مراقبة الظروف المدنية والأدبية لحياة الحدث وصحته وتربيته وعمله وحسن استخدامه لأوقات فراغه، ويقدمون حسابا عن نتيجة أداء مهمته لقاضي الأحداث بتقارير كل 03 أشهر، وعليه فضلا عن ذلك موافاته بتقرير في الحال فيما إذا ساء سلوك الحدث أو تعرض لضرر.

خاتمة
تتعامل محاكم الأحداث مع الأحداث الذين يرتكبون جرائم والأحداث الذين هم في خطر معنوي وتتخذ إجراءات مختلفة إتجاههم تبعا لحالتهم، سنهم ونوع الجرائم المرتكبة وذلك إلى غاية صدور حكم بشأنهم يتضمن إما تدابير أو عقوبات جزائية.

عن الكاتب

درع العدل

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

قلعَة القانُون