قلعَة القانُون قلعَة القانُون

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

اليمين الحاسمة و اليمين المتممة في القانون الجزائري

اليمين الحاسمة و اليمين المتممة والفرق بينهما
شروط اليمين الحاسمة
آثار اليمين الحاسمة
سلطة القاضي في توجيه اليمين المتممة
تقدير قيمة اليمين المتممة

الفرق بين اليمين الحاسمة و اليمين المتممة

مقدمة
تأتي اليمين في اللغة بمعنى القوة والقدرة , وسميت بذلك إحدى اليدين لزيادة قوتها على الأخرى , ثم أُطلقت اليمين على الحلف لقوتها .
وسُمي الحلف بالله يميناً لأن به بتقوى أحد طرفي الخصومة .

وفي القانون , أي في المعنى الإصطلاحي فإن المعنى قريب إذ تعرّف اليمين بأنها إحدى طرق الإثبات في القضاء , وهي عبارة عن قول يتّخذ فيه الحالف الله شاهداً على على صدق ما يقول أو على إنجاز مايعد , ويستنزل عقابه إذا ما حنث (كذب) . وتكون تأدية اليمين بأن يقول الحالف ((والله)) ويذكر الصيغة التي تقرها المحكمة , وبذلك تكون اليمين عمل ديني ومدني في آن واحد , ولا توجه إلا بعد دعوى صحيحة وفي مجلس القضاء , وتكون مقرونة بالعلم القاطع , وهي قاطعة للخصومة عموماً إلا أنها ليست فاصلة في الحق , فلو تمكّن المدعي من إقامة البيّنة بعد أن قُطعت الخصومة باليمين , سُمعت دعواه وحُكم له ببينته إن صحت وتنقسم اليمين إلى يمين قضائية ويمين غير قضائية
فاما اليمين غير القضائية : فهي التي يُتفق على تاديتها في غير مجلس القضاء , ولا يُقصد منها إثبات أو نفي لواقعة معروضة قضائياً , وهذه اليمين إنما لتأكيد عمل أو وعد ونحو ذلك , كاليمين التي يؤديها الموظفين عند توليهم وظائف معينة , فهي ليست ذات أحكام خاصة بل تسري عليها القواعد العامة .
وأما اليمين القضائية : فهي التي تؤدى في مجلس القضاء كوسيلة من وسائل الإثبات في القضية المنظورة , وتكون مقرونة بالعلم القاطع , ولا توجه إلا بعد دعوى صحيحة كما تقدّم ذكره.

 -تنقسم اليمين القضائية إلى يمين حاسمة ويمين متممة  :

أولا : اليمين الحاسمة :
هي اليمين التي يوجهها احد المتخاصمين أو المتداعين للخصم الآخر ليحسم بها النزاع , وهو بذلك يحتكم إلى ضميره ليحسم بها الخصومة , ولها قاعدة فقهية عظيمة كما جاء في الحديث الشريف : "البيّنة على من ادعى واليمين على من أنكر" , ويشترط فيمن يوجه اليمين أن تتوافر لديه أهلية التصرف في الحق الذي تُوجّه اليمين بشأنه , كما يجب أن تتوافر لدى هذا الخصم أهلية التصرف في الحق الذي توجه إليه فيه اليمين وأن يملك التصرف في الحق وقت حلف اليمين , وذلك أن كل خصم توجّه إليه اليمين يجب أن يكون قادراً على الخيار بين الحلف والرد والنكول (التراجع )
ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للوكيل توجيه اليمين إلا إذا صدرت له وكالة خاصة بذلك , ولا يجوز للولي أو الوصي أو القيّم توجيهها إلا إذا كان له حق التصرف فيما يستحلف عليه الخصم.
وعلى إثر ذلك فإنه إذا أدى خصم اليمين خسر خصمه دعواه , وإذا نكل أي بمعنى تراجع أو امتنع عن تأدية اليمين كسبها خصمه (الذي طلب تأدية اليمين) , ولمن وجهت إليه اليمين أن يردها على خصمه , فإذا امتنع ذلك الخصم عن تأدية اليمين خسر دعواه وكسبها من رد اليمين إليه , وهي بذلك طريق غير عادي للإثبات نظمه القانون وحدد آثاره بما يحقق العدالة.
وبقي أن نقول بان اليمين الحاسمة ملك الخصوم ولا يستطيع القاضي أن يوجهها من تلقاء نفسه باستثناء يمين الاستظهار ويمين الاستحقاق .

شروط اليمين الحاسمة
ويُشترط لتوجيه اليمين الحاسمة بأن تكون الواقعة متعلقة بشخص من وجهت إليه اليمين , فإن كانت الواقعة غير شخصية انصبت اليمين على مجرّد علمه بها , وذلك لأن من يوجه اليمين يحتكم إلى ضمير خصمه فيُلزم أن تكون الواقعة متعلقة بشخص هذا الخصم , كأن يحلف الوارث أنه لا يعلم أن مورّثه كان مديناً .

والشرط الثاني لصحة توجيه اليمين الحاسمة , ألا تكون الواقعة المتعلقة بها مخالفة للنظام العام والآداب , فلا يجوز توجيه اليمين بالنسبة لمدين قمار أو لإثبات إيجار منزل يستغل للأعمال الغير مشروعة مثلاً.

آثار اليمين الحاسمة
إذا وجهت اليمين الحاسمة إلى الخصم , أما أن يحلفها , وأما ان يردها إلى من وجهها , وأما أن ينكلها يمتنع عن الحلف

فإذا حلف من وجهت إليه اليمين الحاسمة , خسر موجّه اليمين دعواه ولا يجوز له أن يثبت كذب اليمين بدعوى مدنية.
ولكن إذا ثبت كذب اليمين بحكم جزائي , جاز للخصم الذي أصابه ضرر منها أن يطالب بالتعويض , وله أيضاً أن يطعن في الحكم الصادر بناء على حلف اليمين.

كما يمكن رد اليمين بحيث يجوز لمن وجهت إليه اليمين أن يردها على خصمه ولا يجوز للأخير أن يردها ثانية , وتترتب في النهاية نفس النتيجة بحيث يكسب الدعوى من يؤدي اليمين .

هذا وقد ينكل (يمتنع) من وجهت إليه اليمين عن تأديتها , وبالتالي يخسر دعواه.
وأخيراً أود أن أقول : بأن حجية اليمين الحاسمة تقتصر على الخصمين في الدعوى , ولا يكون لها أي أثر بالنسبة لغيرهم.

ثانيا اليمين المتممة :
وهي اليمين التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه لأي من الخصمين عند عدم كفاية ما قدمه الخصم من دليل , ليتممه باليمين , وهي ذات أثر تكميلي ولا تعتبر تصرفاً قانونياً , إذ للقاضي السلطة التامة في تقدير ما إذا كانت هناك حجة لتوجيهها ليستكمل بها قناعته إذا لم يقدم الخصم دليلاً كافياً على دعواه. وهي بذلك على خلاف اليمين الحاسمة تعتبر واقعة مادية يقتصر حق توجيهها على القاضي ولا يملك أحد الخصوم ذلك الحق.

ويشترط لتوجيه اليمين المتممة ألا يكون في الدعوى دليل كامل وإلا وجب على القاضي الإستناد عليه , ويشترط أيضاً ألا تخلو الدعوى من اي دليل , ذلك لأن اليمين المتممة يوجهها القاضي ليستكمل بها دليل ناقص في الدعوى.

فاليمين المتممة إذن لا تحسم النزاع لأنها ليست إلا إجراء يتخذه القاضي من تلقاء نفسه رغبةً منه في تحري الحقيقة , فالقاضي من بعد توجيه هذه اليمين يكون له مطلق الخيار في أن يقضي على أساس اليمين التي تم تاديتها أو على أساس عناصر إثبات أخرى اجتمعت له قبل حلف هذه اليمين أو بعد حلفها , واليمين المتممة على عكس اليمين الحاسمة لا يجوز ردها على الخصم.

سلطة القاضي في توجيه اليمين المتممة
لقد نصت المادة 348 من القانون المدني في فقرتها الثانية على مايلي : " للقاضي أن يوجه  اليمين تلقائيا إلى أي من الخصمين ليبني على ذلك حكمه في موضوع الدعوى أو في ما يحكم به ."
  يتبين من نص هذه المادة بأن توجيه اليمين المتممة  يكون في الدعوى التي ليس فيها دليلا ولقد قضت المحكمة العليا أن توجيه اليمين المتممة من طرف القاضي رغم وجود بينة كاملة لا تعتبر مخالفة يترتب عليها إلغاء الحكم (1(

إلا أن المحكمة العليا قضت بأن قضاة الموضوع الذين يوجهون اليمين المتممة إلى أحد الخصوم أن يبينوا الأساس القانوني الذي استندوا إليه وإلا كان حكمهم معيب بعدم التسبيب (2). 
----------------------------------------
1. قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 22/03/1978 رقم 12724 مأخوذ عن الغوثي بن ملحة المرجع السابق الصفحة 93 .
 2-قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 25/05/1977 رقم 12899 وفي قرار آخر صادر بتاريخ 09/03/1977  رقم 11664  نفس المرجع  نفس الصفحة .

وللقاضي سلطة تقديرية في توجيه اليمين المتممة وله أن يطلب من أي طرف أدائها ، و الاختيار هنا منوط بتقديره ، وهي على حد قول الأستاذ السنهوري منوطة بتقدير القاضي له أن يوجهها على انه يجب أن يكون بشأن واقعة تمسك بها أحد الخصوم (1)، فليس للقاضي عرض واقعة جديدة وتوجيه يمين متممة بشأنها و هو في هذا المجال لا يخضع لأية رقابة وحتى وان طلب أحد الخصوم منه توجيه اليمين المتممة فتبقى له حرية وسلطة تقدير توجيهها أم لا بشرط أن تكون اليمين منتجة ومن شأنها تكميل ما يوجد بالدعوى من نقص ولا تكون مخالفة للنظام العام .
ويبقى دائما على القاضي لزاما أن يبين في حكمه أساس توجيه اليمين المتممة ويسبب ذلك تسبيبا كافيا وإلا كان  قراره معيبا بعيب عدم التسبيب ، و للإشارة فإن الخصم الذي يوجه له القاضي اليمين المتممة لا يجوز له أن يردها على خصمه ذلك حسب نص المادة 349 من القانون المدني.                 

ولقد جعل الفقهاء نوعان من اليمين توجه تلقائيا من القاضي وهما اليمين المتممة ويمين التقويم ولقد نصت عليهما المادتان 348-350 من القانون المدني . 
-------------------------
 1الدكتور آدم وهيب الندوي :  دور القاضي في الإثبات طبعة 1995 الصفحة 192 .

تقدير قيمة اليمين المتممة
إن حجية اليمين المتممة هي أقل من حجية اليمين الحاسمة ، بحيث أنها  مجرد إجراء تحقيقي يساعد القاضي على أحسن اطلاع للوقائع وهو حر في تقدير حجيتها فقد  شرعت له اليمين المتممة لتكوين اقتناعه في حالة ما إذا  لم تحصل له قناعة كافية بالعناصر الموجودة في القضية ولكن تبقى نتائجها وآثارها غير ملزمة للقاضي و هو بذلك غير ملزم بالحكم لمصلحة من حلف اليمين المتممة  وبالتالي نخلص :  إلى  أن اليمين المتممة هي دليل إثبات متروك للقاضي تقديره ويترتب على ذلك النتائج التالية :

 1إمكانية الرجوع عن اليمين المتممة متى ظهرت  في الدعوى أدلة جديدة تكمل الأدلة الناقصة وتقنعه بأن ما يدعيه الخصم الذي حلف اليمين ليس له أساس .
أو بعد فحص أدلة الدعوى يرى القاضي أن الأدلة المقدمة كافية ولا وجود للأخذ باليمين المتممة ، أو أن يرى أن الدعوى خالية من أي دليل وبذلك لا يجوز توجيهها على اعتبار أنها تكمل الأدلة الناقصة ولا يمكن أن تكون في ذاتها دليلا  كافيا.
 2-الحكم الذي يكون مؤسسا على اليمين المتممة يمكن استئنافه وذلك ما جاء به الدكتور الغوثي بن ملحة في مرجعه السابق بجواز رفع الاستئناف في حكم اعتمد على اليمين المتممة (2) ويمكن هنا لمحكمة الدرجة الثانية أن تخالف حكم المحكمة الابتدائية التي بنت حكمها على اليمين المتممة.
ويبقى للمحكمة العليا مراقبة قضاة الموضوع إذا قاموا بتوجيه اليمين المتممة في دعوى تتضمن دليلا كاملا في الإثبات أو كانت الدعوى خالية من أي دليل ، أو إذا  لم  يبينوا أسباب عدولهم عن توجيه اليمين بعد أن حكموا بتوجيهها دون أن يستجد أي دليل في الدعوى (3) أو إذا لم يبينوا السبب الذي بنوا عليه حكمهم باليمين
-----------------------------------------

 1-الدكتور الغوثي بن ملحة : المرجع السابق  الصفحة 93-94 .
 2-الدكتور أبو الوفا : التعليق على نصوص فانون الإثبات الطبعة الثانية من منشأة المعارف الإسكندرية الصفحة 353.
 3-قرار المحكمة العليا 12899 الصادر بتاريخ  25/05/1977 رقم 11664و القرار  الصادر بتاريخ: 09/03/.1977

الفرق بين اليمين الحاسمة و اليمين المتممة

اليمين هو توثيق الافعال بالاقوال وخشية اللة مفترضة لدى الجميع وان مرد الرجوع الىاليمين الحاسمة تحكيم يتقيد بة الخصوم والقاضي اما اليمين المتممة فوسيلة تكميلية من وسائل الاثبات مثل اليمين الحاسمة ولكن لا يتقيدبها احد وهناك بعض الفروق الجوهرية وهي :
1- اليمين الحاسمة يوجهها الخصم تحت رقابة القاضي ، اما اليمين المتممة فيوجهها القاضي وحدة.
2-لا يجوز للخصم الرجوع في اليمين الحاسمة بعد ان يقبلها الخصم الاخر وللقاضي ان يرجع عن توجية اليمين المتممة في اي وقت بعد توجيهها.
3-اليمن الحاسمة نتائجها محتمة يكسب من يحلفها ويخسر من ينكل عنها اما اليمين المتممة فليس لها نتائج محتمة ولا يتقيد القاضي بموجبها حلفها الخصم او نكل بها.
4-اليمين الحاسمة يجوز ردها على الخصم الاخر اما اليمين المتممة فلا يجوز ردها .

خاتمة
مما تقدم عرضنا لتعريف اليمين القضائية وغير القضائية , وتقسيم اليمين القضائية إلى حاسمة ومتممة , ومن له الحق في توجيه أي منهما وشروط وآثار كل قسم , هذا وإن غلبة على الموضوع كثرة المصطلحات المفاهيم فإن اليمين القضائية من المواضيع القانونية التي يتوجب العلم والإحاطة بها نظراٍ لأهميتها بما تقوم به من الإحتكام إلى الضمير الإنساني وعلاقة العبد بربه.

عن الكاتب

درع العدل

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

قلعَة القانُون