قلعَة القانُون قلعَة القانُون

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تنفيذ الأحكام الغيابية

إجراءات تنفيذ الأحكام الغيابية
مقدمة
تنقسم الأحكام بحسب صدورها إلى أحكام حضورية، وأحكام حضورية إعتبارية وأحكام غيابية يمكن تعريف الحكم الغيابي بأنه الذي يصدر في الدعوى بدون أن يحضر المتهم جميع جلسات المرافعة ولو حضر جلسة النطق بالحكم طالما أنه لم تجرى مرافعة في هذه الجلسة ، فإذا حضر المتهم جلسات المرافعة ولم يحضر جلسة النطق بالحكم فإن الحكم يكون حضورياً، فالعبرة هنا في تمكن المتهم من إبداء دفاعه حول التهمة المنسوبة إليه، أما إذا حضر المتهم بعض جلسات المرافعة ولم يحضر في بعض الجلسات الأخرى التي سمعت المحكمة فيها شاهدا أو ناقشت خبير، إعتبر الحكم غيابيا لعدم تمكنه من إبداء دفاعه في الجلسات التي لم يحضرها.

إذا صدر الحكم غيابيا أو حضوريا إعتباريا أو في غير مواجهة المتهم فلا يجوز تنفيذه إلا بعد تبليغه للمحكوم عليه، وهنا يقوم أمين الضبط بإجراءات التبليغ بداية :

 1-إستدعاء المحكوم عليهم غيابيا للحضور إلى المصلحة لتبليغهم شخصيا بالحكم، لكن غالبا هذه الإجراء غير مجدي ولم يعد يعمل به على مستوى المحاكم.

 2-تحرير محضر التبليغ على نسختين تحفظ واحدة بالملف وترسل الثانية إلى الجهات الأمنية (الدرك، الشرطة) للتبليغ إذا كان المتهم المدان يسكن في دائرة اختصاص المحكمة أو المجلس القضائي مصدر الحكم، وإلا ترسل إلى نيابات الجمهورية حسب الإختصاص لأجل التبليغ، ويجب أن يتضمن المحضر الهوية الكاملة للمعني، وطبيعة الجريمة، والنصوص القانونية المعاقب عليها ومنطوق الحكم مع التنويه فيما إذا كان الحكم غيابي أو حضوري اعتباري كون هذا الأخير لا يقبل الطعن فيه بالمعارضة، وإنما يسري من تاريخ التبليغ ميعاد الإستئناف، في حين الحكم الغيابي يسري ميعاد المعارضة من تاريخ التبليغ، وإذا لم يعارض في الآجال المحددة قانونا فتسري بعد ذلك مهلة 10 أيام للإستئناف دون حاجة لتبليغ جديد، ويؤشر على محضر التبليغ وكيل الجمهورية ويوقعه أمين الضبط المحرر
   
لكن وفي كثير من الحالات نلاحظ رجوع ملفات التبليغ بعدم الإنجاز، وهذا راجع لعدم العثور على المعني بالأمر بسبب تغيير عنوان إقامته إلى مكان مجهول، أولعدم وجوده بالإقليم الذي كان يقيم فيه، وهنا تقوم النيابة العامة واعتمادا على المعلومات القليلة الواردة في نتائج الأبحاث السلبية لإعادة التبليغ من جديد باستعمال كل الوسائل القانونية قصد الوصول إلى المعني بالتبليغ، وإذا باءت بالفشل تلجأ النيابة للإجراء الموالي.

 3-التبليغ عن طريق التعليق ، وتلجأ إليه النيابة لضمان تنفيذ الأحكام الغيابية وعدم تركها تتراكم، مما يؤدي ذلك إلى أن تكون عرضة للسقوط لتقادم العقوبة المحكوم بها، ويكون التعليق على لوح الإعلانات ببلدية إقامة المحكوم عليه، ولوح إعلانات الجهة القضائية المصدرة للحكم، وإذا كان الحكم صادرا عن محكمة الجنايات فيعلق إضافة إلى ذلك على باب آخر محل إقامة له، وعلى باب مقر المجلس الشعبي البلدي الذي ارتكبت الجناية بدائرتها، ويجب نشر مستخرج من الحكم في أقصر مهلة بإحدى الجرائد اليومية الوطنية ، وبعد انقضاء مهلة 15 يوما من تاريخ التعليق يقوم المكلف بالمصلحة بمباشرة التنفيذ، وتجدر الإشارة إلى أنه ولتفادي التأخير في تنفيذ الأحكام وضعت وزارة العدل كإجراء تنظيمي مذكرة تحدد آجال ذلك صدرت في 27/08/1996 تحت رقم 96/17 لم تلغها مراسلة السيد وزير العدل المؤرخة في 29/10/2000 تحـت رقم 06/00 وهذه الآجال هي:
 -بالنسبة للأحكام الحضورية فور إنتهاء أجل الإستئناف.
 -بالنسبة للأحكام الغيابية، حضوري إعتباري، حضوري غير وجاهي: 4 أشهر من تاريخ النطق بالحكم.

 4 -لجوء النيابة العامة إلى تطبيق أحكام المادة 637  ق.إ.ج في حالة عدم التوصل إلى تبليغ المحكوم عليه، بأن تخطر كاتب المحكمة الكائن بدائرتها محل ميلاد المعني أو القاضي المكلف بمصلحة صحيفة السوابق القضائية المركزية، بأوامر القبض وبالأحكام الصادرة بعقوبات مقيدة للحرية حضورية كانت أو غيابية، والتي لم يجر تنفيذها، وتحفظ هذه الإخطارات بملف صحيفة السوابق القضائة ليعاد إرسالها ومعها كافة الإيضاحات الموصلة إلى تنفيذ الأوامر والأحكام إلى السلطات القضائية التي أصدرتها وذلك كلما طلب أصحاب الشأن نسخة من القسيمة رقم 3، وبالتالي يكون هذا الإخطار وسيلة لتبليغ الأحكام الغيابية.
أما المحكوم عليه المقيم بالخارج يبلغ عن طريق وزارة العدل ووزارة الشؤون الخارجية.

وتثير مسألة تبليغ الأحكام الغيابية للمحكومم عليه منذ صدور قانون 08/01/1991 الذي ينظم مهنة المحضر والذي خوله مهام تبليغ الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية عدة إشكالات: فهل أن تبليغ الطرف المدني للمحكوم عليه الشق المدني للحكم الجزائي يعتبر تبليغا قانونيا للحكم ككل ؟ باعتبار أن الدعوى المدنية مرتبطة بالدعوى الجزائية، ومن ثم لا يجوز تجزئتها. وهل أن هذا التبليغ يسقط حق المحكوم عليه في المعارضة بفوات مهلة 10 أيام من تاريخ تبليغ الشق المدني دون المعارضة فيه ؟ وخاصة وأن سريان ميعاد المعارضة يكون من تاريخ التبليغ، والتبليغ من الصلاحيات المخولة للنيابة العامة.

وهل يمكن للطرف المدني الحصول على الصيغة التنفيذية للحكم الجزائي في شقه المدني بفوات مواعيد المعارضة والاستئناف اعتبارا من تاريخ تبليغ الطرف المدني للمحكوم عليه دون ممارستهما ؟ ونحن نعلم أن المعارضة الصادرة عن المتهم تلغي الحكم الصادر غيابيا حتى بالنسبة لما قضى به في شأن طلب المدعي المدني طبق للفقرة الأولى من المادة 413 من ق.إ.ج. لذلك نرى ضرورة تدخل المشرع وحسم الأمر.

وتجدر الإشارة إلى أنه يجب على أمين الضبط أن ينتبه عند مباشرة التنفيذ إلى بعض الأحكام الجزائية خاصة :
-الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن: هنا يعود لمحتويات الحكم السابق الذي لم تقبل فيه المعارضة، وبالتالي يصبح هو الواجب التنفيذ، ويقوم بإعداد المطبوعات السالف ذكرها حسب كل حالة.
-الحكم بالإدانة مع الإعفاء من العقاب : فهو واجب التنفيذ فيما يخص ملخص الضرائب المتعلق بالمصاريف القضائية.
-الحكم بالإدانة في جنح ومخالفات الأحداث : ينبغي الإشارة إلى المسؤول المدني عند تحرير ملخص الضرائب ثم يجب الانتباه إلى الطلبات التي ترد من إدارة الضرائب المتعلقة بتنفيذ الإكراه البدني التي يجب رفضها كونها تتعارض مع المادة 600/3 ق.إ.ج.
- الأحكام بالبراءة وبانقضاء الدعوى العمومية : يكتفي أمين الضبط بتسجيل المنطوق في سجل تنفيذ العقوبات فقط دون تحرير أية وثيقة.
 -الحكم بالإدانة مع وقف التنفيذ : إذا كانت العقوبة المقيدة للحرية هي المشمولة بوقف التنفيذ يحرر أمين الضبط البطاقة رقم 1 في 3 نسخ وتوجه للجهات السالف ذكرها مع العلم أنها لا تسجل في القسيمة رقم 3 التي يطلبها المحكوم عليه طبقا للمادة 632 ق.إ.ج، أما  إذا كانت الغرامة هي المشمولة بوقف التنفيذ فإن ملخص الحكم النهائي المعد لمديرية الضرائب تسجل فيه فقط المصاريف القضائية دون الإشارة إلى الغرامة المشمولة بوقف التنفيذ، طبعا مع تحرير البطاقة رقم 1 سواء كانت مقترنة بالحبس النافذ أو مع وقف التنفيذ

أهمية التفرقة بين الأحكام الغيابية والحضورية والحضورية الاعتبارية :
 تتمثل أهمية التفرقة بين أنواع الأحكام الثلاثة من حيث طرق الطعن بالمعارضة، فالأحكام الحضورية والمعتبرة حضورياً لا تقبل الطعن بالمعارضة،أما الأحكام الغيابية فهي التي تقبل الطعن بالمعارضة، إن الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح والمخالفات هي التي يجوز الطعن فيها بالمعارضة ، فلا يجوز الطعن بالمعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنايات ، إنما تعاد نظر الدعوى أمام المحكمة.

- وتبدو أهمية التفرقة أيضاً في أن الأحكام الحضورية والمعتبرة حضورياً يجب أن تكون صادرة بناءاً على إجراء تحقيق نهائي في الجلسة ، بخلاف الأحكام الغيابية التي يجوز إصدارها بناءاً على اطلاع المحكمة على الأوراق وبدون تحقيق كما أن الحكم الحضوري اقرب للعدالة والحقيقة من الحكم الغيابي كونه صدر بعد تحقيق نهائي ومحاكمة متكاملة مُكن فيها المتهم من إبداء دفاعه حول الدعوى ومن حيث الحجية، يعتبر الحكم الحضوري قطعي بمجرد النطق به، أما الأحكام الغيابية والمعتبرة حضورياً في الجنح والمخالفات فتسقط بقوة القانون بمجرد حضور المتهم الجلسة قبل انتهاءها ويتعين هنا إعادة نظر الدعوى في حضوره.

أما في مواد الجنايات فإن حضور المتهم بنفسه أو بسبب إلقاء القبض عليه يسقط الحكم الغيابي وذلك قبل سقوط العقوبة بمضي المدة فهنا يعاد نظر الدعوى في حضوره.

خاتمة

التنفيذ هو الأثر القانوني للحكم الذي هو محصلة قواعد قانونية ينبغي مراعاتها سواء في مرحلة المحاكمة أو مرحلة التنفيذ و إن مخالفة هذه القواعد تستوجب إعطاء المنفذ عليه الوسيلة القانونية لدرء هذه المخالفة , المبدأ في الأحكــام عامة أنها قابـلة للتنفيذ بمجـرد إكتسـابها لقوة الشيء المقضي فيه،والتنفيذ بهذا المفهوم يعنى به وضع مقتضيات الحكم موضوع التنفيذ بإجراءات عملية ليرتب آثاره المادية و القانونية في مواجهة المحكوم عليه ولكن مايستنتج في إجراءات تنفيذ الأحكام الغيابية هو صعوبة القيام به علي الواقع تذخل في ذلك عدة أسباب و معطيات سبق الإشارة إليها.


عن الكاتب

درع العدل

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

قلعَة القانُون